6 اسباب وراء تماسك النظام الصحى القطرى فى مواجهه الجائحه
في أواخر شهر إبريل 2021 استفز العالم مشهد الشاب الهندي العشريني أنمول جويال وهو يتوسل رجلي شرطة عدم سحب اسطوانة الأكسجين من والدته التي ترقد مصابة بفيروس "كورونا" وفي حالة حرجة، كان الوقوف يتهمون رجال الشرطة بمصادرة اسطوانة الأكسجين من أنف السيدة الفقيرة لتوضع فوق أنف "شخصية هامة".
بحسب صحيفة تايمز أوف إنديا فإن والدة جويال توفت بعدها بساعتين، واشتعل الغضب بعدما أفادت المعلومات بأن جويال وشقيقه الأصغر، ابني المتوفاة، كانا حصلا على الأكسجين بطريق غير شرعي لإنقاذ والدتهما بعد نفاده من المستشفى، إلا أن الشرطة أخذته رغم حاجتها له.
هكذا يكون انهيار المنظومة الصحية، قد يظن المتابع أن الأمر متعلق بافتقار النظام الصحي الهندي إلى الموارد وعدم قدرته على مواجهة هذا الوضع نقصا كبيرا في الأسرة والأدوية والأكسجين، لكن نظامًا صحيًا يصنف كأحد أفضل أنظمة الصحة في العالم الغربي كالنظام الصحي الإيطالي رضخ هو الآخر أمام الموجة الأولى لكورونا، في أسبوعين أصبح الطليان غير قادرين على فعل أي شيء، تكدس المرضى دون أسرة في أروقة المستشفيات، وسط مئات الإصابات بين الكوادر الطبية نفسهم.
عربيًا، لدينا تجربة تونس، التي اعترفت رسميًا في يوليو 2021 بانهيار المنظومة الصحية تماما مع امتلاء أقسام العناية الفائقة وإرهاق الأطباء والتفشي السريع لجائحة كورونا، المتحدثة باسم وزارة الصحة التونسية نصاف بن علي وقتها وصفت وضعية النظام الصحي في البلاد بالكارثية، ووصفت الوضع الصحي في البلاد بعبارتها المرعبة: "المركب يغرق"، واستغرق الأمر وقتًا طال لأسابيع ومعونات بمليارات الدولارات من دول عربية وغربية حتى تمكن النظام الصحي التونسي من التعافي مرة أخرى.
ما سبق يدعو للتفكر في الأسباب التي عززت تماسك المنظومة الصحية القطرية رغم ارتفاع وتيرة الإصابات بكورونا على مراحل متباعدة في مراحل الجائحة المختلفة وحتى وقت كتابة هذه الكلمات.
1- إنفاق قطر على الرعاية الصحية الأعلى في المنطقة
بحسب دراسة حديثة نشرتها "أكسفورد بزنس جروب" فإن استثمار قطر المطرد في الرعاية الصحية عزز قدرتها على التعامل مع التحديات المفاجئة، مشيرة إلى أن الإنفاق على هذا المجال يعد من بين أعلى المعدلات في دول مجلس التعاون الخليجي ودول المنطقة.
وأضافت الدراسة أن قطر حافظت على ثبات الاستثمار في الرعاية الصحية قبل السنوات التي سبقت الوباء، مما أدى إلى التوسع في الموارد الطبية والمهنيين بمعدل تجاوز النمو السكاني، إذ يبلغ حجم الانفاق الصحي للفرد في قطر 1716 دولارا أمريكيا وان عدد الاطباء زاد بنحو 35 % ليبلغ عدد الاطباء العاملين في الدولة 7644 طبيبا منهم 6000 في مستشفيات القطاع العام و نحو 1644 في القطاع الخاص، في حين بلغ عدد الاسرة في المستشفيات 3134 سريرا موزعة بين القطاعين العام والخاص منها، بارتفاع بنحو 27% خلال الخمس سنوات الماضية. كما تتوفر في الدولة 14 مستشفى حكوميا و6 مستشفيات في القطاع الخاص، و27 مركز رعاية صحية.
2- قطر الخامسة عالميا في مؤشر الصحة
وضع مؤشر الصحة، الذي يصدره معهد «ليجاتوم» في المملكة المتحدة قطر في المرتبة الخامسة عالميًا، إذ تحتل قطر المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط على صعيد متوسط العمر المتوقع، وضمن قائمة الخمس والعشرين الأفضل عالميا من حيث جودة الخدمات الصحية وسهولة الحصول على الرعاية الصحية.
كما احتلت دولة قطر مرتبة متقدمة في العديد من مقاييس الرعاية الصحية العالمية الرئيسية، بما فيها المرتبة الأولى في عدد الأطباء للفرد مع وجود 77.4 طبيب لكل 10.000 شخص، كما أورد مكتب الاتصال الحكومي في تغريدات على حسابه بموقع التواصل الإجتماعي «تويتر».
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن دولة قطر تمتلك أكبر عدد من الأطباء للفرد الواحد في العالم.
3- خطوات ثابتة على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي من المستلزمات الطبية
اتخذت قطر خطوات كبيرة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 100 % على صعيد الأدوية والمستلزمات الطبية، حيث تمتلك مؤسسة حمد الطبية احتياطات كبيرة من كافة الأدوية والمستلزمات الأساسية. ويعد معدل إنفاق الدولة في قطاع الرعاية الصحية من أعلى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط، بحيث تم استثمار 22،7 مليار ريال قطري في مجال الرعاية الصحية خلال العام 2018، مع ارتفاع بنسبة 4 % عن السنة السابقة.
4- تطور وجاهزية خدمات الإسعاف والإسعاف الطائر
أسطول من سيارات الإسعاف والطائرات المروحية المجهزة بأحدث التقنيات وفريق من المسعفين الخبراء والأطباء المتخصصين لتقديم الرعاية اللازمة للحالات الحرجة، نظام يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الحديثة التي تمكن فريق المسعفين من إرسال بعض القياسات الحيوية الخاصة بالمريض للفريق الطبي في المستشفى أثناء نقل الحالة على غرار إرسال قياسات القلب لمستشفى القلب وذلك حتى يكون الفريق الطبي على استعداد للتعامل مع الحالة.
وتضم خدمة الإسعاف عدة نقاط موزعة بشكل استراتيجي في كافة مناطق البلاد لضمان الوصول الأسرع لموقع الحادث في حالات الطوارئ. ويتم توزيع سيارات الإسعاف في أنحاء الدولة استنادا لإحصائيات تأخذ بعين الاعتبار المناطق التي ترد منها البلاغات حيث يوجد نظام يقوم باحتساب عدد البلاغات من كل منطقة وعليه يتم توزيع السيارات حسب المناطق الجغرافية التي يرد منها أكثر عدد من البلاغات في حين يعمل هذا النظام آليا على قراءة البيانات وتحديثها وفقا لعدد البلاغات الواردة من كل منطقة وذلك على مدى 24 ساعة.
5- العنوان الوطني سهّل تقديم الخدمة الصحية لكل أفراد المجتمع
في منتصف عام 2020 ألزمت قطر كافة المواطنين والمقيمين على أراضيها بتسجيل بياناتهم بنظام "العنوان الوطني"، المربوط برقم الهاتف ورقم الهوية، وبالتالي إذا حدث طارئ لأي شخص بمجرد اتصاله برقم الطوارئ (999) فإن فريق إسعاف مجهز يذهب له في محل سكنه دون إضاعة أي وقت في شرح العنوان بالتفصيل.
6- مرونة ويقظة اللجنة العليا لإدارة الأزمات
بمجرد إعلان أوائل حالات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد قرر سعادة رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني تشكيل اللجنة العليا لإدارة الأزمات برئاسة رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، وتختص اللجنة بإدارة الأزمات والكوارث التي تتعرض لها الدولة، ولها في سبيل ذلك اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لمواجهتها.
عمل اللجنة تميز بالمرونة والواقعية في كل مرحلة من مراحل الجائحة، نجاح كبير في العبور بالبلاد إلى بر الأمان بأقل الخسائر الممكنة دون إغلاق كلي مستمر، استضافت قطر فعاليات كبرى عالمية وإقليمية ومع ذلك ظل نظامها الصحي
0 Comments: